اعتبرت مجلة فورين بوليسي الاميركية أن إعلان واشنطن «إنهاء الحرب في العراق» يحتل المرتبة الثانية من بين أكبر 14 كذبة في العام الحالي 2011 الذي أوشك على الانتهاء، وذلك بعد الكذبة الأولى، وهي إعلان الغرب المتكرر عن أن أي اجتماع قادم للقادة الأوروبيين، سيكون حاسما في حل الازمة المالية الراهنة بمنطقة اليورو، وهو ما لم يحدث إلى الآن.
وبررت المجلة في تقرير لها تصنيفها لإعلان واشنطن إنهاء الحرب نهائيا في العراق بعد 9 سنوات «بالكذبة الكبرى الثانية» ذلك لان تورط أميركا عسكريا في العراق - وفق ما ذكرت المجلة - بدأ في التسعينات من القرن المنصرم، وأن إعلانها الانسحاب ما هو إلا مرحلة من سلسلة من الحروب في المنطقة، تراهن المجلة على أنها لن تكون الأخيرة. وقالت المجلة إن إعلان أميركا نجاح مهمتها في العراق يعد كذبة ثالثة، مبررة ذلك بأنه نتيجة لتورطها في العراق، فإنه بات يعاني حاليا من التقسيم وانعدام الديموقراطية واستشراء الفساد، وزيادة النفوذ الإيراني داخله، علاوة على أن الغزو الأميركي كلف واشنطن تريليون دولار، وآلاف القتلى والمصابين الأميركيين إلى جانب مئات الآلاف من الضحايا العراقيين، وتعريض سمعة الولايات المتحدة للخطر.
وأدرجت المجلة الأميركية ما أسمته كذبة «النجاح الاميركي في افغانستان» في المرتبة الرابعة، مشيرة إلى أن واشنطن تبرر ذلك بنجاحها في القضاء على تنظيم القاعدة الإرهابي، غير أن النجاح الحقيقي يكمن في إشاعة الأمن والسلام في ربوع هذا البلد الذي دمرته الحروب، غير أنه أصبح الآن أكثر خطورة بعودة التطرف متمثلا في حركة طالبان.
باكستان حليف
وصنفت «فورين بوليسي» اعتبار واشنطن لباكستان حليفا، وأفغانستان شريكا لها، وأن نمو الصين لا يمثل تهديدا لها، وأن الاعتقاد بأن الضغط الدبلوماسي كاف لاجبار إيران على وقف برنامجها النووي، بمنزلة الكذبة الخامسة والسادسة والسابعة على التوالي.وحل تبادل الاتهامات بأن الجمهوريون هم المشكلة.. أو الديموقراطيون هم المشكلة. في المركز الثامن بينما احتلت قضية ان اقتطاع الضرائب من الاثرياء تساعد في خلق وظائف . وكانت المرتبة العاشرة من نصيب ان اميركا قدتخفق في سداد ديونها. وان ادارة أوباما ملتزمة جادة بالاصلاحات المالية كانت الكذبة رقم 11 وان %9 من الأميركيين راضون عن الكونغرس الكذبة رقم 12.
واحتل الإعلان المتكرر عن انتهاء العمليات العسكرية في ليبيا، في غضون أيام أو أسابيع قليلة «المرتبة الثالثة عشرة» فيما جاءت كذبة «انا أحب إسرائيل» في المرتبة الرابعة عشرة والاخيرة، ذلك لأن معظم السياسيين الاميركيين يتشدقون بهذه العبارة فقط، وفق المجلة، من أجل الحصول على اصوات الناخبين اليهود ودعمهم المالي.
وهنا النص الكامل للمقال كما ترجمته بعض وسائل الإعلام :
أورد الصحفي والكاتب في مجلة "فورين بوليسي" ديفيد روثكوبف في مقال نشرته المجلة اليوم السبت على موقعها في الإنترنت ما يصفه بأنه "أكبر 14 كذبة" لشخصيات سياسية بارزة خلال العام 2011 بمناسبة قرب انتهاء العام، وهي كذبات تتعلق بقضايا تمتد من العراق إلى إسرائيل وشؤون أخرى غيرهما. ويمهد روثكوبف لهذه الكذبات بهذه المقدمة:
"أعيش في واشنطن حيث الكذب شكل من أشكال الفن. وإذا كان هذا يوحي بنية فنان، فإن الكذب هنا في العاصمة أكثر تلقائية، كالتنفس أو أخذ أموال نقدية من قطط سمينة.
ولكن عندما تعيش في مكان كهذا – إذا أمكنك أن تسميه عيشاً – حيث دربنا الفئران الخلوقة على أن تنتج روث ثيران، فانك تكتسب مهارة تقدير كذبة جيدة. بعض الأكاذيب يبرز بفضل حبكته الحاذقة – وتكاد تبدو كأنها حقيقة. (الرئيس أوباما يريد اخراج المصالح الخاصة من الحياة السياسية الأميركية). وبعضها يستحق الذكر لما تتسم به من جرأة وقحة (نيوت جينجريتش اطاح بالشيوعية). وبعضها يستحوذ على اهتمامنا بسبب قدرة مؤلفيها على القائها بجدية (مِت رومني يقول ان لديه قناعات سياسية يتمسك بها يمسكاً عميقاً).
ولكن في كل سنة توجد كذبات مختارة تقدم هنا وعلى المسرح العالمي وتبدو مميزة. أنها الكذبات الكبيرة التي ميزت زماننا.
واسمحوا لي أن أعطي بضعة امثلة فقط من مجال السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وبعدئذ، اذا كان عندكم المزيد من الاقتراحات، فارجو ان ترسلوها إليَ. في يوم ما قريب نعتزم بناء متحف كذب في وسط المدينة ليكون هناك نصب يجسد جوهر هذا المستنقع الآسن.
1- هذه القمة المقبلة للقادة الأوروبيين ستكون حاسمة..لقد سمعنا هذه مرة كل بضعة اسابيع منذ اشهر الآن. وفي كل مرة تنخدع بها اسواقنا المالية التي يفترض انها متقدمة مرة اخرى. انها كمسألة لوسي وكرة قدم تشارلي براون. متى سنتعلم؟
2-الحرب في العراق انتهت بعد 9 سنوات". كثير من الاحتفال اليوم بسبب هذه "الحقيقة". تبدو مسألة واضحة. ولكن، طبعاً، نحن بقينا منخرطين عسكرياً بطريقة او اخرى مع العراق منذ اوائل تسعينات القرن الماضي. هذه مجرد نهاية واحدة من سلسلة حروب في المنطقة. واراهن على انها لن تكون الاخيرة.
3- مهمة اميركا في العراق كانت ناجحة". انظر الى الكذبة السابقة. المكان مقسم، غير ديموقراطي، متأثر بقوة بالنفوذ الايراني، فاسد، وغزونا كلفنا تريليون دولار، وآلاف الارواح الاميركية، ومئات آلاف الارواح العراقية، وسمعتنا القومية. انظر في القاموس الى معنى كلمة "فياسكو" (فشل ذريع). هناك صورة متأنق يرتدي سترة طيران واقفا على سطح حاملة طائرات امام لافتة تقول المهمة انجزت.
4- نحن نحقق الفوز في افغانستان". جاءت احدث نسخة لهذا الصياح من وزير الدفاع بانيتا خلال زيارته قبل ايام الى افغانستان. واذا تم تعريف الفوز تعريفاً ضيقاً ليعني التغلب على "القاعدة"، فسيكون (الادعاء) صحيحاً. ولكن اذا غادرنا وكان المكان اكثر خطراً، وعادت طالبان وتولت زمام الامور، واقترنا بالفساد والمغادرة، وقوينا المتطرفين في المنطقة وصار خطر عدم الاستقرار في باكستان النووية اعلى مما كان عليه عندما ذهبنا الى هناك، فان من الصعب رؤية كيف يمكننا وصف ما يجري بانه "فوز" ما لم نكن نقصد بكلمة "نحن" تشارلي شين.
5- تعادل: "باكستان هي حليفة اميركا" و"افغانستان هي شريكة اميركا". ستقول اعرف، اعرف، "هذه كذبة"، "هذه دبلوماسية"، بطاطا، بطاطا. ولكن لا يوجد في الواقع تعريف ذو مصداقية يمكن به تسمية حكومة باكستان حليفاً للولايات المتحدة ما لم تكن مستعداً للتغاضي عن كل سلوكهم المشابه لسلوك اعداء. الشيء نفسه بالنسبة الى رفيقنا كارزاي في كابول. انه شريك فقط بمعنى ان يده في جيبنا حتى بينما يذمنا للعالم.
6- اميركا ليست مهددة بنمو الصين". وزيرة الخارجية كلينتون كانت آخر من تلفظ بهذه الصلاة الصغيرة. وانا متأكد من انها كانت تعنيها. ويجب ان تكون (صلاةً) صادقة. لكنها ليست كذلك.
7- نعتقد ان الضغط الدبلوماسي يمكن ان يوقف برنامج ايران النووي". اذا صدقنا ذلك، فهل سنشن حرباً سرية هناك؟ هذا يجلبنا الى كذبة اخرى تقول ان "اميركا لن تهاجم ايران قط". هذه كذبة - لأننا هاجمناها فعلاً.
8- تعادل: "الجمهوريون هم المشكلة" و"الديموقراطيون هم المشكلة". هذه هي الكذبة الكبرى في الحياة السياسية الاميركية. المشكلات لا تتمثل في الحزبين. وهي لا تتمثل حتى في صفوف افاعي باعة النفط والاثرياء الكسالى الذين يكونون طبقتنا قيادتنا السياسية. انها النقود. النظام فاسد بمع سبق الاصرار الى درجة ان الفضائح الاخيرة لم تسفر الا عن تدفق المزيد من المال الى النظام وتفكيك الاصلاحات السابقة.
9- خفض ضرائب المليونيرات يساعد في خلق اشغال في الولايات المتحدة". هذه تفوز في قسم الجرأة الوقحة. وهي تقال بلهجة جدية من دون وجود نتفةٍمن دليل يدعمها. وانت تعلم لماذا لا توجد نتفة من دليل يدعمها، اليس كذلك؟ لأنها فكرة حمقاء، لا يمكن دعمها.
10 – "الولايات المتحدة قد تخفق في سداد ديونها". لم يكن هذا قريباً من الحدوث. لن يحدث ابداً. ما زال هذا هو البلد الذي يملك المطابع التي تنتج العملة التي لا يمكن الطعن في انها عملة الاحتياط العالمية. ما من رئيس او كونغرس من اي من الحزبين سيسمح بحدوث ذلك ابداً. "الفزع" في آب (اغسطس) كان نصف هستيري، ونصف مفبرك، وكان - وفقاً للطريقة التي نجري بها حساباتنا هنا في العاصمة - نصف جاد في محاولة هز ساكني مبنى الكابيتول الاميركي (الكونجرس) الخاملين ليفعلوا شيئاً ما لسد العجز الاميركي.
11- ادارة اوباما ملتزمة باجراء اصلاحات جادة في الخدمات المالية". ها. دود - فرانك كان مسكنا للالم. ان ايجاد مسؤوليات اشراف من دون تمويل للمشرفين هو مثل مسرح كابوكي. عمليا كل التهديدات الجدية للنظام المالي التي سببت (ازمة) 2008 ما زالت موجودة. (حتى لو حققت بنوك الولايات المتحدة بعض التقدم في متطلبات رأس المال، فإن هذا يقابله حقيقة انها مرتبطة بصورة اوثق بالمصارف الاوروبية المتهورة. وهناك ايضا من المؤسسات المالية "الاكبر من ان تفشل" اليوم اكثر مما كان موجودا قبل الازمة. المشتقات؟ انها ايضا مشكلة اكبر مما كانت عليه في السابق. انظمة الضبط العالمية؟ لم يتحقق فيها اي تقدم.
12 – "فقط تسعة في المئة من الاميركيين راضون عن الكونجرس". لا يمكن ان يكون هذا صحيحا. لا يمكن ان يكونوا كثيرين الى هذا الحد.
13- "العملية في ليبيا ستنتهي في غضون ايام او اسابيع". كانت العملية ناجحة. ولكن هذا التنبؤ كان مغلوطا ثم مغلوطا ثم مغلوطا مرة اخرى لاشهر.
14- "أحب إسرائيل" كل من هو في المعترك السياسي في الولايات المتحدة يقول ذلك. معظم من يقولون العبارة يعنون "أريد للأميركيين اليهود أن يعتقدوا أنني احب إسرائيل بما يكفي ليصوتوا لي ويعطوني مالا". أن يعتقدوا أننا سننقل السفارة؟ وأنهم سيقومون بأول رحلة للخارج إلى هناك؟ وأن الولايات المتحدة ستقف بوفاء إلى جانب إسرائيل تحت أي ظروف، حتى لو استمرت إسرائيل في تعقيد المسائل بسياستها الاستيطانية وحتى لو زحفت بقية المنطقة نحو شيء شبيه بالديمقراطية؟ ها. إن هذه الوعود معادلة للقول "الشيك في طريقه بالبريد" و"سأحترمك في الصباح."