كان الخليفة المعتضد العباسي مشهوراً بالحزم والقسوة والشدة والشجاعة ، قالوا عنه " كان ملكاً شجاعاً مهيباً ظاهر الجبروت وافر العقل شديد الوطأة ، قليل الرحمة".
كان إذا غضب على قائد من قواده أمر بدفنه في حفرة على مشهد من الجميع ، وكانت له طرق فظيعة في التعذيب ، وبذلك أخمد الفتن وأعاد هيبة الخلافة بعد أن ضعف شأنها في عهد عمه الخليفة المعتمد على الله ، ولذلك يلقب المؤرخون الخليفة المعتضد بأنه "السفاح الثاني " لأنه جدد ملك بنى العباس وأعاد سطوتهم في عهده.
عن شجاعته يحكى خادمه خفيف السمرقندى : يقول كنت معه في الصيد وانقطع عنا العسكر فخرج علينا أسد، فقال لي : أفيك خير ؟ قلت لا ، قال : ولا تستطيع أن تمسك فرسي ؟ قلت :بلى ، فنزل المعتضد وسل سيفه وقصد الأسد وتلقاه بسيفه قطع عضده ،ثم ضربه ضربة فلقت هامته ، ومسح سيفه في صوفة وركب فرسه ، وصحبته إلى أن مات فما سمعته يذكر ذلك وما عاتبني في خوفي وجبني..
وقد كان المقربون إليه من القادة يخشون بأسه ويخافون من غضبه خصوصاً وقد كان جريئاً على سفك الدماء طالما كان ذلك في حماية سلطانه، حتى لقد همّ بأن يقتل ابنه الطفل جعفر الذي تولى الخلافة فيما بعد باسم المقتدر، لأنه رأى ابنه الطفل شديد الكرم مع أترابه الأطفال يقسم الطعام بينه وبينهم بالتساوي،فخاف إن تولى الخلافة أن يبسط يده في توزيع الأموال فتضيع هيبة الدولة وثروتها ، وتحقق ما تنبأ به المعتضد حين تولى ابنه المقتدر وأسرف في تضييع الجواهر العباسية التي حافظ عليها أسلافه.
مرض المعتضد ، ومات يوم الاثنين 22ربيع الآخر سنة 289هـ .
وظلت هيبته قائمة وهو يموت ، ظلوا يخافون منه . وقد شكُّوا في موته وهو يحتضر، فتقدم منه الطبيب فجسّه فأحس به المعتضد وفتح عينيه ، فركله برجله فتدحرج الطبيب ومات لوقته من الفزع .. ومات المعتضد بعده ..