السُّؤال الثَّامن: هل شيخ الطائفة الشِّيعيَّةِ يعتبرُ شيخًا للطَّائفةِ العلويَّةِ؟ وهل هناكَ عداوةٌ بين الطَّائفة العلويَّةِ والطَّائفةِ الشيعيَّةِ؟
الجواب الثَّامن بإذن الله:
العلويَّةُ النُّصيريَّةُ لا تعادي أحدًا من الطَّوائفِ والمذاهبِ والمللِ، وعبرَ التَّاريخِ كانَ نهجُنا نهجَ علمٍ وفقهٍ وتوحيدٍ وتدبُّرٍ، لكن مع هذا لم نَسلَمْ من ألسنِ الحاقدينَ والمزوِّرينَ للتاريخِ.
هناكَ الكثيرُ من أبناءِ نهجِنا العلويِّ يظنُّونَ أن التَّكفيرَ لهم هو تكفيرٌ سنِّيٌّ فقط من خلال ما وردَ عن ابن تيميَّةَ ومحمد بن عبد الوهاب ومَن كان على طريقِهم الضَّال
لكنَّهم غَفِلوا عمَّا هو موجودٌ من تكفيرٍ لنا في أمَّهاتِ كتبِ الشِّيعةِ لبراءةِ أبنائنا وجهلِ أكثرِهم بما وردَ فيها، وتقصيرِ وإهمالِ جزءٍ من المشائخِ، وتستيرِ جزءٍ آخرَ منهم على ما وردَ بحقِّنا في أمَّهاتِ كتبِ الشِّيعةِ ليقعَ فيهم قول الإمام علي كرَّمَ اللهُ وجهَهُ: (الرَّاضي بفعلِ قومٍ كالدَّاخلِ فيه معهم)، وإنْ لم يكنْ راضٍ بفعلِهم وسكتَ عنه وقعَ فيه قول الرَّسول (ص): (السَّاكتُ عن الحقِّ شيطانٌ أخرس).
وأتساءلُ دومًا ما سرُّ هذا الاجتماعِ بينَ سادةِ الشِّيعةِ والسُّنَّةِ للطَّعنِ بنا رغمَ اختلافِهم وتعارُضِهم في التَّاريخ والتقائِهم في كثيرٍ من الأحكامِ.
ومَن أطلقَ عليهم تلكَ الألقابَ كشيخِ الإسلامِ ابن تيميَّة وشيخِ الطَّائفةِ الشّيعيَّةِ الطُّوسي وغير ذلك؟؟
ولا يمكنُ بأيِّ حالٍ من الأحوال اعتبارُ شيخِ الطائفة الشِّيعيَّةِ الطُّوسي شيخًا للطَّائفةِ العلويَّةِ بسببِ طعنِهِ وتجريحِهِ بسيِّدنا أبي شعيب محمد بن نصير، ومن ذلكَ ما وردَ عن الطُّوسي من لعنٍ لسيِّدنا أبي شعيب بسبب ما جرى من اللَّعن والتّبرُّؤِ على لسانِ محمد بن عثمان السَّمَّان العمري وهو من النُّوَّابِ الأربعةِ الذين ادَّعوا الوثاقة بالعلمِ وما كانَ هو وأبوه عثمان بن سعيد إلا وكيلان للمالِ للإمامِ العسكريِّ (ع)، حيث وردَ في الهدايةِ الكبرى أنَّ الإمامَ العسكريِّ (ع) قال لمجموعةٍ من أصحابِهِ: منكم أحدٌ علمَ أو نُقِلَ إليه أنَّ سلمان كان وكيلاً على مالِ أمير المؤمنين؟ قالوا: لا يا سـيِّدنا. قال: أفليسَ قد علمتُم ونُقِلَ إليكم أنَّه كان حجَّتَه؟ قالوا: بلى. فقال (ع): فما الذي أنكرتُم أن يكونَ محمد بن نصـير حجَّتي وعثمان بن سعد وكيلي؟ ثم قال (ع): (اشهدوا عليَّ أنَّ محمد بن نصـير حجَّتي إلى أن يقبضَهُ الله)، فهل يحقُّ لمحمد بن عثمان أن يلعنَ سيِّدَنا أبا شعيب بسببِ حسدِهِ، فتصبحَ سنَّةً لدى الشِّيعةِ ليلعَنوا سيِّدَنا أبا شعيب وينسبوا هذا اللَّعنَ للإمامين العسكريِّين وهو لم يصدرْ منهما؟
وحتى الآن يتردَّدُ في أوساطِ الحوزاتِ أنَّ العلويَّةَ إخوانُ الشِّيعةِ الإماميَّةِ لكنَّ من بقي نصيريًّا فهو مغالٍ ملعون؟ أي أنَّهم يكفِّروننا إن لم نتشيَّعَ ونصبحَ مثلَهم، ويطالبوننا بالسُّكوتِ فإنْ رَدَدْنا شبهاتِهم اتَّهمونا بتكفيرِهم وإثارة الفتنِ، علمًا أنَّنا لا نكفِّرُ أحدًا كعلويِّينَ، لكنَّنا صادقونَ نصارح الأعمى بِعَمَاهُ والأعورَ بِعَوَرِهِ دون مجاملةٍ، وإلا كنَّا منافقين مرائينَ كغيرِنا.
وهذه المآخذُ سواءَ كان على الطُّوسيِّ أو ابن تيميَّةَ حقٌّ لنا، إذ لا يحقُّ لهم أن يكفِّروا سادَتنا، والمآخذُ تمتدُّ إلى تابعيهم اليوم، فكلُّ من يوافقُ ابن تيميَّةَ بفتواهُ هو تكفيريٌّ، وكلُّ مَن يوافقُ الطُّوسيَّ بافترائهِ هو تكفيريٌّ أيضًا، ونحن لا نبادلُهُ التَّكفيرَ بالتَّكفيرَ، لكن من الواجبِ الرَّدُّ عليهم حتى يفيئوا إلى الحقِّ.
وأستغربُ كلَّ الغرابةِ عندما ينسبُ مؤلِّفو السُّنَّةِ أحاديثَ غير لائقةٍ لرسولِ اللهِ (ص)، وينسبُ مؤلِّفو الشّيعةِ أحاديثَ غير لائقةٍ للأئمَّةِ المعصومين (ع)، ثم ينتفضُ بعضُ مشائخِ العلويَّةِ للدّفاعِ عمَّن تجرأَ وكفَّرَ سيِّدنا محمد بن نصير فهل اختارَ هؤلاء قطارَ التَّشيُّعِ؟ إن كانَ ذاك فهم أحرار وليُعلِنوا هذا بصراحةٍ، وإن لم يكن فيالَهم من جبناءٍ ومرائينَ ومنافقينَ وعديمي الكرامة.
ملخَّصُ القولِ:
نحنُ لا نُعادي أحدًا طائفيًّا، فهناك ما يجمعُنا وهو (الإسلامُ والقرآنُ الكريمُ والنَّبيُّ العظيمُ والأئمَّةُ المعصومينَ والإيمانُ بالبعثِ والنُّشورِ والجنَّةِ والنَّار)، وهم أحرارُ في معتقداتِهم بشرطِ ألَّا يتعدَّوا حدودَهم في تكفيرِنا، لكن من حقِّنا أن ندافعَ عن نهجِنا الأرقى، الذي يترفَّعُ بعلومِهِ العظيمةِ عن هرطقاتِ كتبِ الحديثِ لديهم في إتيانِ دبر المرأةِ وإرضاع الكبيرِ وزواجِ المتعةِ وما إلى ذلك مما لا يجوزُ أن يُنسبَ لرسولِ اللهِ والأئمَّةِ المعصومينَ (ع)، وسأوردُ بعضَ الأمثلةِ وللقارئِ أن يحكمَ دومًا بما يراهُ من دلائلَ:
وردَ في صحيح مسلم حديث منسوبٌ وهو:
عن عائشة بنت أبي بكر أن مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم فأتَتْ (تعني ابنة سهيل) النَّبيَّ فقالت: إنَّ في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً. فقال لها النبي: (أرضعيهِ تَحرمي عليه، ويذهبَ الذي في نفسِ أبي حذيفة) فرجعَتْ، فقالت: إنِّي قد أرضَعْتُه، فذهب الذي في نفسِ أبى حذيفة
وردَ في كتابي الاستبصار وتهذيب الأحكام للطوسي حديث منسوب هو:
عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا رضعَ الرَّجلُ من لبنِ امرأةٍ حرِّمَ عليهِ كلُّ شيءٍ من وِلدِها وإنْ كانَ من غيرِ الرَّجلِ الذي كانت أرضعتهُ بلبنها، وإذا رضعَ من لبنِ رجلٍ حرِّمَ عليه كلُّ شيءٍ من ولدهِ وإن كان من غيرِ المرأةِ التي أرضعتْهُ
وردَ في كتاب الاستبصار للطوسي حديثان منسوبان:
الحديث الأول: سئلَ أبو عبد الله (ع) عن الرَّجلِ يأتي المرأةَ في دبرِها؟ قال: لا بأسَ إذا رضيَتْ
الحديث الثاني: سئلَ الرِّضا (ع) عن إتيانِ الرَّجلِ المرأةَ من خلفِها في دبرِها؟ قال: أحلَّتْها آيةٌ من كتابِ اللهِ تعالى قولُ لوطٍ (ع): (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) عَلِمَ أنَّهم لا يريدونَ إلَّا الدُّبر
مع أنَّ تحريمَ إتيانِ الدُّبرِ وردَ عن رسولِ اللهِ (ص) بقولهِ: (مَحَاشُ النِّساءِ على أمَّتِي حرامٌ)، فعلَّقَ الطُّوسيُّ قائلاً: الوجهُ ضربٌ من الكراهيَّةِ لأنَّ الأفضلَ تجنُّبُ ذلكَ وإن لم يكنْ محظورًا
وردَ في كتابي الاستبصار وتهذيب الأحكام للطُّوسي أحاديثُ منسوبةٌ كثيرةٌ عن المتعةِ أكتفي بإيرادٍ واحدٍ منها يبيِّنُ إساءَتهم لعصمةِ المعصومينَ:
عن زرارة بن أعين قال: ذكرْتُ له المتعةَ، أَهِيَ من الأربعِ (أي الزّيجاتِ الأربعةَ)؟ فقال الإمامُ الصَّادقُ (ع): تَزوَّجْ منهنَّ ألفاً فإنهنَّ مستأجرات فهل يصدرُ هذا القولُ عن صادقِ القولِ؟
نكتفي لعدمِ الإطالةِ واللهُ أعلمُ
الدكتور أحمد أديب أحمد