admin_m Admin
عدد المساهمات : 400 تاريخ التسجيل : 11/12/2009 العمر : 47
| موضوع: اتفاقية دارين السبت مايو 14, 2011 6:07 pm | |
| اتفاقية دارين بين بريطانيا وبني سعود عام 1915 م
ـ أسباب توقيع الاتفاقية ـ مناقشة الاتفاقية ـ نتائج الاتفاقية ـ مقارنة اتفاقية دارين عام 1915 م مع اتفاقية جدة عام 1927 م
مقدمــــــــة
بعد إن سيطرت بريطانيا فعلياً على منطقة الخليج ووقعت معاهدة الصلح البحري العامة مع شيوخ الساحل العماني عام 1820 م والمعاهدة السرية مع حاكم الكويت في عام 1899 م والتي تشبه لحد كبير لمعاهدة الصلح البحري العامة المذكورة اتجهت إلى تقوية نفوذها في الجزيرة والتي كان لها موطئ قدم يمثله بنو سعود في الرياض وقد واجهت بريطانيا في منطقة الجزيرة وضعاً معقداً يختلف عن الوضع في الخليج حيث استطاعت أن تحسم الأمور في منطقة الخليج بواسطة قواتها البحرية بسبب ضعف الدولة العثمانية في حسمها للأمور وعدم تفهمها لطبيعة الصراع في هذه المنطقة ولكونها استطاعت تجزئة الساحل إلى محميات صغيرة لا تشكل لها تهديداً حتّى لو ظهر فيها رفض لوجود بريطانيا من قبل شعوبها أما في منطقة الجزيرة ذات المساحة الشاسعة فالأمر مختلف فهي تضم قبائل كبيرة وتعيش صراعات طويلة ومعظمها تدين بالولاء للدولة العثمانية ما عدى بني سعود
كما إن الدولة العثمانية عملت على تقوية وجودها في الجزيرة لاعتبارات سياسية لأن المنطقة تضم مقدسات المسلمين والتي تعتبر نفسها مسؤولة عنها بالدرجة الأولى ولأنها احد موارد خزينتها لذلك خططت بريطانيا على المدى البعيد تقوية موظفها ابن سعود لكي يستطيع السيطرة الكاملة على الجزيرة فاختارت موظفين لهم الخبرة في عملية إدارة الصراعات كالضابط (شكسبير) الذي كان يخطط المعارك ابن سعود وينفذها بنفسه الأمر الذي أدى إلى قتله في معركة (جراب) عام 1915 م ضد ابن الرشيد وكذلك (فيلبي) الذي أدار الأمور حتّى تحقيق كامل أهداف بريطانيا في الجزيرة أسباب توقيع اتفاقية دارين 1915 م :
كانت بريطانيا قبل الحرب العالمية الأولى بصورة عامة تتحرك بحذر في منطقة الجزيرة وكان الصراع السياسي بينها وبين الدولة العثمانية يسير ببطء وكانت بريطانيا توجه عملائها في المنطقة بعدم التأثير المباشر والمكشوف على نفوذ الدولة العثمانية التزاماً منها بالأعراف الدولية والعلاقات التي لا زالت تربطها بالدولة العثمانية لهذا نجد أن بريطانيا كانت غير راضية عن استعجال ابن سعود في إبراز خدماته الكبيرة لبريطانيا في القفز على هذه التوجيهات ففي عام 1911 م اجتمع شكسبير مع ابن سعود وقال له : (إن بريطانيا لن تقدم الدعم لأي زعيم عربي يحاول التخلص من الأتراك حيث أن لبريطانيا علاقات صداقة بهم..)
وقبل نشوب الحرب العالمية الأولى بأشهر أصبح الصراع السياسي في المنطقة بين بريطانيا والدولة العثمانية قد بلغ ذروته والذي ينطلق من المبنى الذي تبنته بريطانيا في أنها وريثة ممتلكات الدولة العثمانية في منطقة الخليج والجزيرة والعراق والأردن وفلسطين والذي تقرر هذا نهائياً في معاهدة سايكس ـ بيكو بين بريطانيا وفرنسا عام 1916 م في موسكو لذلك حاولت بريطانيا أن تُعلم الدولة العثمانية من خلال اتفاقيات وقعتها مع ابن سعود أن موقعها في منطقة الجزيرة أصبح ضعيفاً كموقفها في الخليج قامت بريطانيا في مارس عام 1914 م بإجراء اتفاق مع ابن سعود عن طريق ممثلها (آرثر باريت) تعهد فيه ابن سعود بتقديم كل مساعدة ممكنة ضد الأتراك واعترف ببقاء البحرين تحت سيطرة بريطانيا وضمان المحافظة على رعايا بريطانيا وتجارتها في الخليج من أي طرف
إن بريطانيا في واقع الأمر لا تعوّل على ابن سعود مجرداً ليحسم لها الأمر في المنطقة وإنما جاء إجراء هذا الاتفاق ضمن الضغوط السياسية والاستفزاز الذي مارسته بريطانيا في المنطقة فابن سعود لم يكن متفوقاً على ابن الرشيد فضلاً عن الشريف حسين
وبعد نشوب الحرب العالمية الأولى ودخول الدولة العثمانية إلى جانب ألمانيا ضد بريطانيا وحلفائها لم يعد لبريطانيا أي تعهد لتركيا وإنما عملت على تقويض نفوذها في المنطقة ولما كان ابن سعود هو الذي اختارته لتنفيذ سياستها في الجزيرة أرادت أن تربطه باتفاقية رسمية تكون فيها الأمور واضحة لجميع الأطراف وان تحكم تبعية بني سعود خوفاً من تغيير الظروف كما إن بريطانيا بعد نشوب الحرب العالمية الأولى ودخول تركيا بجانب المانيا تريد تثبيت حقوقاً لها بعد نهاية الحرب ضمن نظرية تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية المطروحة في مناقشات الدول الاستعمارية قبل الحرب، كما أنها أرادت أن تعلن للجميع إن ابن سعود هو موظفها الذي لا يجوز لأحد التعرض له كما أنها أرادت أن تمسك بورقة قوية أثناء مباحثاتها مع فرنسا حول تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية
ومن خلال هذه الاتفاقية والتي أظهرت تبعية بني سعود بصورة كاملة لبريطانيا وبذلك أصبحت المنطقة تحت السيطرة الكاملة لها أرادت أيضاً أن تظهر للرأي العام الإنكليزي جدوى دعمها لبني سعود
ومن خلال هذه الاتفاقية أرادت بريطانيا أيضاً أن تقدم نموذجاً لمواصفات العملاء في المنطقة والذين يرغبون في طرح أنفسهم كموظفين لبريطانيا نص اتفاقية دارين 1915 م
في شهر ديسمبر عام 1915 سافر (كوكس) المقيم البريطاني في الخليج يرافقه (فيلبي) إلى القطيف واجتمع بعبد العزيز بن سعود في جزيرة دارين وتم توقيع اتفاقية حملت اسم الجزيرة يوم 26 ديسمبر عام 1915 م نصت على ما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم
لما كانت الحكومة البريطانية من جهة وعبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود حاكم نجد والإحساء والقطيف والجبيل والمدن والمراسي التابعة لها بالا صالة عن نفسه وورثته وحلفائه وعشائره من جهة أخرى راغبين في توطيد الصلات الودية التي مر عليها وقت طويل ما بين الطرفين وتعزيزها لأجل توثيق مصالحهما فقد عينت الحكومة البريطانية اللفتننت كولونيل السر برسي كوكس المعتمد البريطاني في خليج فارس مفوضا من قبلها ليعقد معاهدة مع عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وقد اتفق اللفتننت كولونيل السر برسي كوكس وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود وأبرما المواد الآتية :
1 ـ تعترف الحكومة البريطانية وتقر أن نجدا والإحساء والقطيف والجبيل وتوابعها والتي يبحث فيها، وتعين أقطارها فيما بعد ومراسيها على خليج فارس، وهي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل وبهذا يعترف بابن سعود المذكور حاكماً عليها مستقلاً ورئيساً مطلقا على قبائلها وبأبنائه وخلفائه بالارث من بعده على أن يكون ترشيح خلفه من قبله ومن قبل الحاكم بعده وان لا يكون الحاكم المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه خاصة فيما يتعلق بشروط هذه المعاهدة
2 ـ إذا حدث اعتداء من قبل إحدى الدول الأجنبية على أراضي الأقطار التابعة لابن سعود وخلفائه بدون مراجعة الحكومة البريطانية وبدون إعطائها الفرصة للمخابرة مع ابن سعود وتسوية المسألة فالحكومة البريطانية تعاون ابن سعود بعد استشارته إلى ذلك القدر وعلى تلك الصورة الذين تعتبرهما الحكومة البريطانية فعالتين لحماية بلدانه ومصالحه 3 ـ يتفق ابن سعود ويعد بان يتحاشى الدخول في مراسلة أو وفاق مع أية امة أجنبية أو دولة وعلاوة على ذلك بأن يبلغ حالاً إلى معتمدي السياسة من قبل الحكومة البريطانية عن كل محاولة من قبل أية دولة أخرى في إن تتدخل في الأقطار المذكورة سابقاً
4 ـ يتعهد ابن سعود بان لا يسلم ولا يبيع ولا يرهن ولا يؤجر الأقطار المذكورة ولا قسماً منها ولا يتنازل عنها بطريقة ما ولا يمنح امتيازا ضمن هذه الأقطار لدولة أجنبية أو لرعايا دولة أجنبية بدون رضي الحكومة البريطانية وبان يتبع مشورتها دائماً وبدون استثناء على شرط أن لا يكون ذلك مجحفاً بمصالحه الخاصة
5 ـ يتعهد ابن سعود بحرية المرور في أقطاره على السبل المؤدية إلى المواطن المباركة وان يحمي الحجاج في مسيرهم إلى المواطن المباركة ورجوعهم منها 6 ـ يتعهد ابن سعود كما تعهد آباؤه من قبل بان يتحاشى الاعتداء على أقطار الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عمان التي هي تحت حماية الحكومة البريطانية والتي لها صلات عهدية مع الحكومة المذكورة و إلا يتدخل في شؤونها وتخوم الأقطار الخاصة بهؤلاء ستعين فيما بعد
7 ـ تتعهد الحكومة البريطانية وابن سعود على عقد معاهدة أكثر تفصيلاً من هذه على الأمور التي لها مساس بالفريقين
كتب في 18 صفر سنة 1334 الموافق 26 ديسمبر سنة 1915 م
يقول جون. س. ولينكسون في كتابه حدود الجزيرة العربية : (وبدأت المفاوضات التمهيدية بينهما (بريطانيا وابن سعود) في أكتوبر سنة 1915 م ولكن كان هناك عديد من المشكلات وهي أن وضعه (ابن سعود) الداخلي لا يزال مضطرباً وان حجم الامتيازات المطلوب منه منحها لبريطانيا حتّى يحذو حذو مشايخ المحميات الأخرى ، يمكن أن تجعله بلا شعبية، وأي اتفاقية مع بريطانيا تتعلق بهذا الشأن كما حدث، إنّما تسلبه استقلاله وتستخدم المعارضة له وتكون نقطة تجمع عليه)
ويستمر (ولينكسون) في إطلاق فرضياته الوهمية ومن ضمنها انّه يذكر أن ابن سعود قدم مشروع الاتفاقية فيقول : (وكان جوهر مشروع ابن سعود المكون من 11 مادة أن تعترف بريطانيا بأن نجد والإحساء والقطيف وما يحيط بها والموانئ التي ترتبط بتلك المناطق على ساحل الخليج الفارسي تنتمي إليه وهي ارض آبائه وان تلك الأراضي مستقلة وليس لأي قوة أجنبية الحق في التدخل وان تعترف بريطانيا بالحدود الخاصة بالأراضي المذكورة وان تتعهد بالحماية والدفاع عنها ضد كل الاعتداءات والتهديدات الآتية براً وبحراً
وان القانون المطبق في تلك الأراضي سيكون قانون الشريعة ووفق مبادئ المدرسة الوهابية وعلى بريطانيا أن تحترم حقوق شعب ابن سعود على أراضيه ولا تمنع حق اللجوء لأي من الهاربين.. وإذا دخل أي من البدو والمدن الخاضعة للحماية البريطانية وإذا ثارت أي خلافات بيني وبين أي من مشايخ وزعماء المدن المذكورة فعليهم أن يتصرفوا طبقاً لملكية الآباء والأجداد
وبالمقابل فان ابن سعود لن يتعامل مع أي قوى أخرى حول الامتيازات دون الرجوع إلى حكومة بريطانيا العظمى وان تمنع بريطانيا التجارة في السلاح وتسمح لشعوب المحميات البريطانية بالتجارة في سواحله وان تحميهم..)
هذا الكلام من (ولينكسون) يراد به الإيحاء إن ابن سعود كان يتصرف باستقلالية لكن المتتبع للعلاقات بين بريطانيا وابن سعود يجد الأمر يختلف تماماً عما يريد أن يثبته الكاتب المذكور كما أن بنود الاتفاقية شاهد صريح على أن ابن سعود ليس عليه إلاّ إن ينفذ ما يصدر إليه من بريطانيا | |
|
admin_m Admin
عدد المساهمات : 400 تاريخ التسجيل : 11/12/2009 العمر : 47
| موضوع: رد: اتفاقية دارين السبت مايو 14, 2011 6:09 pm | |
| مناقشة بنود الاتفاقية :
1 ـ أقرت بريطانيا في البند الأول سيطرة ابن سعود على نجد والإحساء والقطيف والجبيل وتوابعها والتي اعتبرتها حسب التعبير الوارد في الاتفاقية (بلاد ابن سعود وآبائه من قبل..) في حقيقة الأمر إن هذه البلاد لم تكن في يوم من الأيام تابعة لبني سعود أو تحت سيطرتهم فهذه العائلة لم يستطع احد من المؤرخين إن يثبت أنها تمت بأية صلة إلى هذه الأرض فهذا (لزلي مكلوغلن) من أصدقاء العائلة يقول : (فإن السجلات الأولى الأكثر وثوقاً وتعود بنسبهم إلى مطلع القرن الخامس عشر الميلادي.. الجد الأول المعروف لابن سعود هو مانع المريدي دعي مانع سنة 1446 م دعاه قريب له لينتقل من منطقة القطيف إلى منطقة وادي حنيفة قرب الرياض) فلا نريد هنا أن نبحث بصورة تفصيلية عن اصل هذه العائلة ولكن نريد أن نشير على الأقل أن هذه العائلة لم تكن لها سلطة تذكر على أية منطقة في الجزيرة وإنما المتيسر من المعلومات التاريخية أن جدهم جاء إلى الدرعية واستطاع بعملية غدر السيطرة عليها وبعد ذلك سيطر على الرياض واستمر الصراع على الرياض بينه وبين آل الرشيد، فحتى لو قبلنا إن اصل هذه العائلة من القطيف كما يقول (مكلوغلن) فإنها لم تكن عائلة معروفة أو لها أي وزن في التاريخ القبلي لمنطقة القطيف كما لبقية القبائل لذلك فتعبير (بلاد ابن سعود وآبائه من قبل..)
يكشف لنا أمرين :
الأول : إن هذه العائلة في أصل وجودها في المنطقة هو من صنع بريطاني
ثانيا : إن هذا التعبير يراد منه في الحقيقة إن هذه المناطق المذكورة أصبحت تحت سيطرة بريطانيا لكي تكون وثيقة تستخدمها في نهاية الحرب التي كانت تركيا قد دخلتها إلى جانب المانيا ضد بريطانيا وحلفائها والتي كانت هذه المناطق من الناحية الرسمية تحت النفوذ التركي
وهذا الأمر يشير إليه البند الرابع من الاتفاقية الذي لا يجيز لابن سعود أن يسلم أو يبيع أو يرهن أو يؤجر الأقطار المذكورة ولا قسماً منها ولا يتنازل عنها بطريقة ما
جاء في البند الأول أيضاً (يعترف بابن سعود حاكماً عليها ـ نجد والإحساء والقطيف والجبيل وتوابعها .. مستقلاً ورئيساً مطلقاً على قبائلها وبأبنائه وخلفائه بالارث من بعده)
أن تعبير (مستقلاً) جاء مخالفاً للحقيقة والواقع الذي يعيشه عبد العزيز بن سعود فهو لم يكن مستقلاً هو أو أبناؤه الذين حكموا من بعده لا من حيث الحركة الظاهرية التي يعيشها هؤلاء أو من حيث الوثائق التي تذكر علاقة بريطانيا بهم فقبل اكتشاف النفط كان ابن سعود يتقاضى راتبا من قبل المكتب الهندي التابع للمخابرات البريطانية فكيف يكون مستقلاً وهو موظف يتقاضى راتباً من بريطانيا والذي تم رفعه من (500) جنيه في الشهر إلى (5000) جنيه في الشهر بعد توقيع هذه الاتفاقية
ثم أننا نلاحظ أن ابن سعود في أحرج الظروف التي واجهته لم يستطع أن يتجاوز أوامر (فيلبي) الذي كان يدير السياسة الفعلية في الحكم السعودي فعندما ضغط قادة جيش عبد العزيز عليه في أن يهاجم الشريف حسين ويثأرون منه في حادثة (الخرمة) كان الأمر الذي وجهه (فيلبي) هو مقاتلة ابن الرشيد خلاف رغبة جيش عبد العزيز وفي اجتماع مع هؤلاء القادة رد ابن سعود على خطاب (فيصل الدويش) مخاطباً الجميع : (أما فيما يتعلق بمحمد بن رشيد فالحقيقة أن الإنكليز قد ألحوا عليّ بمهاجمته لماذا اخفي ذلك عليكم)
كما أننا نلاحظ أن تعبير حاكماً مستقلاً ورئيساً مطلقاً على قبائلها جاء واضحاً انّه أصبح حاكماً مستقلاً على القبائل دون الأرض وهذا ما تريده بريطانيا أي أن المطلوب منه ترويض القبائل للقبول بسياسة بريطانيا والتحول من الولاء للدولة العثمانية إلى بريطانيا
إما عبارة (لا يكون الحاكم المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه) قد جعلت الحاكم من بني سعود منفذاً للسياسة البريطانية بكل إشكالاتها لأنه لا يحق له المخالفة بأي وجه من الوجوه وهذه العبارة تظهر لنا خساسة هؤلاء الحكام لأنه لم يحدثنا التأريخ إن علاقة بين طرفين كانت بهذه المهانة لأنه عادة عندما يكون طرف تابع لطرف قوي فان هذا الطرف القوي يعطيه بعض التصرف على وجه الاستقلال أما أن لا يخالفه بأي وجه من الوجوه فلم تعرف السياسة أو العلاقات الدولية هذه الصيغة، ولهذا علق الكاتب الفرنسي المسيو (جان جاك بيرسي) على الاتفاقية قائلاً : (الذي يجهله العموم أو يغفل عن ذكره الكثيرون من المؤرخين أنه ليس مشرِّفاً … لا للعرب ولا للبريطانيين… إذ أنه لقاء مساعدة مالية شهرية قدرها خمسة ألاف جنيه إسترليني اعترف سلطان نجد للبريطانيين بحق الإشراف على علاقاته الخارجية كجميع أمراء الخليج والجنوب العربي وتعهد عبد العزيز بن سعود بان لا يتنازل عن أي شبر من أراضيه في أي حال من الأحوال وان لا يقيم علاقات مع أية دولة إلاّ بعد الحصول على موافقة الحكومة البريطانية بذلك)
ونلاحظ في البند الأول عبارة (وتعترف الحكومة البريطانية وتقر إن نجداً والإحساء والقطيف والجبيل وتوابعها والتي يبحث فيها وتعين أقطارها فيما بعد..)
إن هذه العبارة تعني أن هذه المناطق التي قررت بريطانيا أن تكون خاضعة لها عن طريق ابن سعود ليست نهائية وإنما ستضاف إليها مناطق أخرى حسب تغير الظروف السياسية في المنطقة ورؤية بريطانيا الاستعمارية لها والتي هي السبب الرئيسي لدخولها الحرب وقد صرح (كوكس) بذلك أثناء توقيع الاتفاقية يقول (فيلبي) الذي حضر توقيع الاتفاقية بعد تقليد عبد العزيز لقب سلطان فال كوكس : ( وفي المستقبل القريب سنقلدك وسام سلطنة نجد والحجاز وملحقاتهما ثم نجعل منك ملكاً بعد تسليمك عسير وبعض الإمارات الأخرى لنطلق عليها اسمكم فتصبح المملكة السعودية) | |
|
admin_m Admin
عدد المساهمات : 400 تاريخ التسجيل : 11/12/2009 العمر : 47
| موضوع: رد: اتفاقية دارين السبت مايو 14, 2011 6:13 pm | |
| ثانيا ً : البند الثاني يبرز لنا أمرين :
الأمر الأول :
هو التأكيد على أن المناطق التي يسيطر عليها ابن سعود هي محمية بريطانية لا يجوز الاعتداء عليها من أي طرف خارجي ولما لم يكن أي من الأطراف التي تحيط بابن سعود لها المصلحة أو القدرة على الاعتداء على ابن سعود فان هذا الأمر موجه للدولة العثمانية حيث إن جميع الأطراف التي تحيط بابن سعود هي ضمن النفوذ البريطاني
أما الأمر الثاني:
هو إفهام ابن سعود إن أي خلل في العلاقة مع بريطانيا أو بمعنى آخر إن التمرد على الأوامر البريطانية فان بريطانيا ستسمح لطرف خارجي بالتعرض لابن سعود وهو احد مبادئ السياسة البريطانية مع عملائها وهذا ما يعنيه التعبير في البند الثاني (إذا حدث اعتداء من قبل إحدى الدول الأجنبية على أراضي الأقطار التابعة لابن سعود وخلفائه بدون مراجعة الحكومة البريطانية)
3 ـ أما البند الثالث من الاتفاقية فيبرز لنا بصورة جلية إن بني سعود ما هم إلاّ موظفون لدى الإدارة البريطانية فلا يجوز لهم التصرف بأي أمر باستقلالية إلاّ عن طريق المعتمد البريطاني في المنطقة كما إنها في هذا البند من الاتفاقية أعلمت بريطانيا الدول الأخرى بأن المناطق التي يسيطر عليها ابن سعود هي أراضي تعتبر خاضعة للتاج البريطاني فلا يجوز لأي دولة التصرف فيها بأي شكل من الأشكال وهذا يشمل الامتيازات للتنقيب عن النفط التي تحاول الأخرى الحصول عليه وكان البند الرابع من الاتفاقية صريحاً وقطع كل أمل في ذلك، هذا البند والبند الثالث يعتبر في حقيقته بنداً واحداً إلاّ إن المعتمد البريطاني جاء به تأكيداً للبند الثالث 4 ـ إن ما جاء في البند السادس يجب أن لا يقودنا إلى ان نفهم ان ابن سعود يتمتع باستقلالية بحيث يستطيع أن يعتدي على الجهات المحيطة به وإنما في حقيقة الأمر أن هذا البند وضعه المعتمد البريطاني لعدة أمور وهي :
ا ـ لكي يُطَمئِن محميات بريطانيا بعدم حدوث اعتداء عليها من قبل ابن سعود لأنها كانت تخشى ذلك وتبث هواجسها لبريطانيا
ب ـ لكي يكون هذا البند عامل ضغط على الشريف حسين الذي تريد بريطانيا سرعة تخليه عن الدولة العثمانية وسقوطه نهائياً في أحضان بريطانيا ففي التعبير الذي ورد في هذا البند (يتعهد ابن سعود كما تعهد آباؤه من قبل أن يتحاشى الاعتداء على أقطار الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عمان..) استثنى الحجاز من ذلك أي أن بريطانيا لا تعترض مبدئياً على اعتداء ابن سعود على الحجاز
ج ـ التأكيد على ابن سعود من خلال هذا البند إن منطقة نفوذه ستتعدى مستقبلاً المناطق الحالية التي يسيطر عليها وخاصة الحجاز
عدل سابقا من قبل الفارس في السبت مايو 14, 2011 6:25 pm عدل 1 مرات | |
|
admin_m Admin
عدد المساهمات : 400 تاريخ التسجيل : 11/12/2009 العمر : 47
| موضوع: رد: اتفاقية دارين السبت مايو 14, 2011 6:21 pm | |
| نتائج الاتفاقية :
1 ـ تبلور دور ابن سعود من خلال بنود الاتفاقية وأن دوره هو القضاء على كل نفوذ للدولة العثمانية في المنطقة تحت توجيهات الإدارة البريطانية 2 ـ أعطت لابن سعود زخماً كبيراً في المنطقة اتجاه الزعماء التقليديين وخاصة محمد ابن رشيد الموالي للأتراك ونتيجة للاتفاقية فقد تم تزويده بالأسلحة التي يحتاجها في صراعه وتم انتداب خيرة الموظفين في الحكومة البريطانية في المنطقة للتخطيط الميداني لحركة عبد العزيز الأمر الذي جعل ابن رشيد منشغلاً مع ابن سعود دون تقديم العون للأتراك
3 ـ أصبحت منطقة الجزيرة ساحة لصراع بريطانيا وتركيا كان ضحيتها أبناء المنطقة وممتلكاتهم 4 ـ أصبحت هذه الاتفاقية الأساس الذي تحركت بموجبه بريطانيا في المنطقة والإدارة الأمريكية من بعدها في استغلال ثرواتها والاستهانة بطموحات أبنائها في امتلاكهم إرادتهم
5 ـ نتيجة لهذه الاتفاقية تم تحييد شعب الجزيرة في الصراع الدائر بين المسلمين من جهة وبين الصهاينة من جهة أخرى حول اغتصاب فلسطين. 6 ـ نتيجة لهذه الاتفاقية أصبحت ارض الجزيرة ساحة للمغامرين الإنكليز في البحث عن النفط الذي أدى اكتشافه إلى بروز صراع جديد بين الأمريكيين والبريطانيين كان ضحيته أبناء المنطقة كما حدث حول واحة (البريمي) هل انتهت اتفاقية دارين؟ للوهلة الأولى يبدو أن هذا السؤال في غير محله لأن الاتفاقية قد ألغيت رسمياً باتفاقية جدة الموقعة في 20/5/1927 م لكن هناك أمران لابد من الخوض بهما لكي تتبين لنا أهمية هذا السؤال وأنه في محله :
الأمر الأول :
هو أن نظرة متفحصة لبنود اتفاقية جدة المذكورة يتبين لنا إن هذه الاتفاقية لم تغير شيئاً في بنود اتفاقية دارين عام 1915 م ما عدا أن بريطانيا رفعت نظام بني سعود من التبعية بصيغة موظفين وعملاء إلى حكام بالمعنى الظاهر لحكام الدول ففي البند الأول من الاتفاقية المذكورة ينص على إن :
(يعترف صاحب الجلالة البريطاني بالاستقلال التام المطلق لممالك صاحب الجلالة ملك الحجاز وملحقاتها) فهذا البند لا يختلف في جوهره عن البند الأول في اتفاقية دارين عام 1915 م والذي ينص على : (تعترف الحكومة البريطانية وتقر إن نجداً والإحساء والقطيف والجبيل وتوابعها… وهي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل وبهذا يعترف بابن سعود المذكور حاكماً عليها مستقلاً ورئيساً مطلقاً على قبائلها) والفرق في ذلك جاء في إضافة الحجاز إلى سيطرته بعد نهاية الشريف حسين كما إن مخاطبة ابن سعود من قبل الحكومة البريطانية بالملك لم يكن غريباً فبريطانيا هي التي اقترحت قيام مملكة باسم المملكة العربية السعودية بعد إن أظهر ابن سعود قدراً كبيراً من التبعية التي لم يسبقه احد من قبل، ثم إن تقويته وإسباغ الألقاب عليه كان ضمن ما خططت له بريطانيا لكي يكون ابن سعود ممثلاً للعرب والمسلمين وهذا ما درجت عليه الإدارة الأمريكية أيضاً
أما البند الثاني من الاتفاقية والذي نص على أن : (يسود السلم والصداقة بين صاحب الجلالة البريطاني وصاحب الجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها ويتعهد كل من الفريقين المتعاقدين بان يحافظ على حسن العلاقات مع الفريق الآخر وبأن يسعى بكل ما لديه من الوسائل لمنع استعمال بلاده قاعدة للأعمال غير المشروعة الموجهة ضد السلام والسكينة في بلاد الفريق الآخر)
فهو لا يختلف عن الفقرة التي وردت في البند الأول من اتفاقية عام 1915 م والتي تنص : (على أن يكون ترشيح خلفه من قبله ومن قبل الحاكم بعده وان لا يكون الحاكم المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه)
فالأصل في الموضوع أن لا يخالف بنو سعود بريطانيا ولا تهم صيغة العبارات فهي لا تحتاج إلى توجيه فهي موجهة في أصل مبنى بني سعود في الحكم وأما تغيير العبارات فالظروف الموضعية هي التي اضطرت بريطانيا إلى تغييرها وتغيير شكل معاهدة دارين 1915 بمعاهدة جدة، فالذين اعتمدوا على بريطانيا من طالبي الرئاسة كالشريف حسين وغيره قد أصابهم الإحباط بعد تنصل بريطانيا من عهودها التي قطعتها لهم، كما إن دعاة معاونة بريطانيا لتحقيق دولة عربية كبرى والتخلص من السلطة التركية التي أساءت بالفعل معاملة شعب المنطقة أدركوا أيضاً كذب الوعود البريطانية، يضاف إلى ذلك إن شعب الجزيرة غير بعيد عما يحدث في المناطق الإسلامية الأخرى والقريبة منه كالعراق مثلاً الواقع تحت الانتداب البريطاني فقد استطاع على أثر ثورة 1920 أن يحصل على استقلاله
كما أن انكشاف العداء السافر لبريطانيا اتجاه المسلمين ومصادرتها لحقوقهم في فلسطين بإعطائها وعداً للصهاينة بجعلها وطناً قوميا لهم ومساهمتها في المجازر التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني وبتنفيذ بني سعود وبصورة مباشرة وغير مباشرة جعل بريطانيا تدرك حجم المعارضة لها في المنطقة
ولعل ما جرى في المؤتمر الإسلامي الأول الذي عقد في عام 1926 م مؤشراً كبيراً على نظرة بريطانيا المذكورة ففي هذا المؤتمر ألقى ابن سعود كلمة افتتاحية رد عليه شيخ الأزهر ممثل مصر في المؤتمر بكلمة فضح فيه موقف بني سعود حيث نبه إلى التناقض في كلمة ابن سعود حيث جاء في احد فقراتها (إننا لا نقبل تدخلاً أجنبياً في هذه البلاد الطاهرة أيا كان نوعه)
فقال شيخ الأزهر (إن كلمة أجنبي هذه مجملة فإذا كان المراد بها من يدين بالإسلام فذلك ما يؤيده فيه كل العالم إلاّ أن تطبيق ذلك مع الجمع بين سلطنة نجد ومملكة الحجاز يحتاج إلى دراسة المعاهدات التي عقدتها نجد مع الدول الأجنبية خشية أن يكون فيها ما يحمل إقرار الجميع بوجه من وجوه التدخل الذي نهى عنه الملك وضرب لذلك مثلاً بأنه إذا فرض أن لدولة أجنبية حق التدخل في تعيين سلطان نجد من بين آل سعود (إشارة) إلى اتفاقية دارين 1915 م) كان معنى ذلك أن لهذه الدولة حق التدخل في تعيين ملك الحجاز ما دام سلطان نجد هو ملك الحجاز)
هذه الأمور التي ذكرناها جعلت بريطانيا تخشى المتغيرات المحتملة في المنطقة لذلك كان عليها إلغاء معاهدة دارين 1915 وإبرام معاهدة جدة مع بقاء جوهر اتفاقية دارين في هذه الاتفاقية الجديدة
الأمر الثاني :
بعد الحرب العالمية الثانية خرجت بريطانيا منها متضررة اقتصادياً، ففي الوقت الذي كانت مديونة للولايات المتحدة بمبلغ 450 مليون دولار أخذت تسعى للحصول على قرض منها، وبالفعل تم تقديم قرض من الولايات المتحدة قدره (4/4) مليار دولار في ديسمبر 1945 م. هذا الأمر جعل بريطانيا كما يقول (بنسون لي جريسون) أقل ميلاً لتحدي سياسات واشنطن فيما يتعلق بالسعودية
وأخذت بريطانيا تدريجياً تتنازل للإدارة الأمريكية عن نفوذها في المنطقة (وفي فبراير 1947 اضطرت بريطانيا للاعتراف بأنها نتيجة لإجهادها خلال الحرب لم تعد لديها القوة العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية للاضطلاع التي دأبت على انتهاجها قبل الحرب كقوة عالمية …)
وتأسيساً على ذلك أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية وريثة بريطانيا في المنطقة وهذه الوراثة جعلت الولايات المتحدة صاحبة النفوذ الفعلي فيها لهذا لا يمكن القول أن الاتفاقيات التي أبرمتها بريطانيا مع عملائها في المنطقة ومن أهمهم بنو سعود قد انتهى مفعولها فلو تصفحنا حركة علاقة بني سعود مع الإدارة الأمريكية نلاحظ بجلاء أنها مرسومة وفق اتفاقية دارين عام 1915 م والتي تدور حول ثلاثة محاور هي تنفيذ السياسة الغربية وحماية بني سعود وخلط الأوراق على المسلمين والعرب لترسيخ الكيان الصهيوني في المنطقة ونهب ثروات الخليج والمنطقة | |
|
admin_m Admin
عدد المساهمات : 400 تاريخ التسجيل : 11/12/2009 العمر : 47
| موضوع: رد: اتفاقية دارين السبت مايو 14, 2011 6:22 pm | |
| المصادر: دور الأسرة السعودية في إقامة الدولة الإسرائيلية بريطانيا وابن سعود حدود الجزيرة العربية العلاقات السعودية ـ الأمريكية قيام العرش السعودي بريطانيا والعرب العربية السعودية من القبيلة إلى الملكية | |
|